وتمثّلت هذه البطولة العلوية بجميع صورها وألوانها عند حفيدة الرسول
وعقيلة بني هاشم السيدة زينب (سلام الله عليها) ؛
فإنّها لمّا مثلت أمام الإرهابي المجرم سليل الأدعياء
ابن مرجانة احتقرته
واستهانت به، فاندفع الأثيم يظهر الشماتة بلسانه الألكن قائلاً:
الحمد لله الذي فضحكم وقتلكم، وكذّب اُحدوثتكم.
فانبرت حفيدة الرسول بشجاعة وصلابة قائلة:
الحمد لله الذي أكرمنا بنبيّه،
وطهّرنا من الرجس تطهيراً، إنّما يُفتضح الفاسق ويُكذب الفاجر،
وهو غيرنا يابن مرجانة..(8)
لقد قالت هذا القول الصارم الذي هو أمض من السلاح،
وهي والمخدّرات من آل محمّد في قيد الأسر،
وقد رفعت فوق رؤوسهنَّ رؤوس حماتهنَّ،
وشهرت عليهنَّ سيوف الملحدين.لقد أنزلت العقيلة ـ بهذه الكلمات ـ
الطاغية من عرشه إلى قبره، وعرّفته أمام خدمه
وعبيده أنّه المفتضح والمنهزم، وأنّ أخاها هو المنتصر.
ولم يجد ابن مرجانة كلاماً يقوله سوى التشفّي
بقتل عترة رسول الله (صلّى الله عليه وآله)،
قائلاً: كيف رأيت صنع الله بأخيك(9)؟
وانطلقت عقيلة بني هاشم ببسالة وصمود، فأجابت بكلمات الظفر
والنصر لها ولأخيها قائلة: ما رأيت إلاّ جميلاً،
هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل
، فبرزوا إلى مضاجعهم، وسيجمع الله بينك وبينهم،
فتُحاجّ وتُخاصم، فانظر لمَنْ الفلج يومئذ، ثكلتك أُمّك يابن مرجانة !
أرأيتم هذا التبكيت الموجع؟ أرأيتم هذه الشجاعة العلوية؟
فقد سجّلت حفيدة الرسول (صلّى الله عليه وآله) بموقفها
وكلماتها فخراً للإسلام
وعزّاً للمسلمين، ومجداً خالداً للاُسرة النبويّة.
أمّا موقفها في بلاط يزيد، وموقفها مع الشامي
وخطابها الثوري الخالد فقد هزّ العرش الاُموي، وكشف الواقع الجاهلي
ليزيد ومن مكّنه من رقاب المسلمين،