.
روي في كتاب الكافي الشريف عن الإمام الصادق عليه السلام: إن الله عز وجل اتخذ إبراهيم عبدا قبل أن يتخذه نبياً، وإن الله اتخذه نبياً قبل أن يتخذه رسولاً، وإن الله عز وجل اتخذه رسولاً قبل أن يتخذه خليلاً، وأن الله اتخذه خليلاً قبل أن يتخذه إماماً، فلما جمع له الأشياء قال: (إني جاعلك للناس إماماً). قال عليه السلام: فمن عظمها في عين إبراهيم عليه السلام، قال: (ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين). قال: لا يكون السفيه إمام التقي.
وقد روى هذا الحديث أيضا عن الإمام الباقر عليه السلام، ورواه الشيخ المفيد رحمه الله عن الإمام الصادق عليه السلام.
إعلم أخي المتابع والقارئ بارك الله لنا فيكم، أن اتخاذه تعالى أحداً من الناس عبداً غير كونه في نفسه عبداً، فإن العبودية من لوازم الإيجاد والخلقة، لا ينفك عن مخلوق ذي فهم وشعور، ولا يقبل الجعل والاتخاذ وهو كون الإنسان مثلاً مملوك الوجود لربه، مخلوقاً مصنوعاً له تعالى، سواء جرى في حياته على ما يستدعيه مملوكيته الذاتية، واستسلم لربوبيته ربه العزيز، أو لم يجر على ذلك. قال تعالى: (إن كل من في السموات والأرض إلا آتي الرحمن عبداً)، وإن كان إذاً لم يجر على رسوم العبودية وسنن الرقية إستكباراً في الأرض وعتواً كان من الحري ألا يسمى عبداً بالنظر إلى الغايات، فإن العبد هو الذي أسلم وجهه لربه، وأعطاه تدبير نفسه، فينبغي ألا يسمى بالعبد إلا من كان عبداً في نفسه وعبداً في عمله، فهو العبد حقيقة. قال تعالى: (وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً)، وعلى هذا فاتخاذه تعالى إنساناً عبداً وهو قبول كونه عبداً والإقبال عليه بالربوبية هو الولاية، وهو تولي أمره كما يتولى الرب أمر عبده، والعبودية مفتاح للولاية، كما يدل عليه قوله تعالى: (قل إن وليي الله الذي نزل الكتاب بالحق وهو يتولى الصالحين)، أي اللائقين للولاية، فإنه تعالى سمى النبي في آيات من كتابه بالعبد، قال تعالى: (الذي أنزل على عبده الكتاب)، وقال تعالى: (ينزل على عبده آيات بينات)، وقال تعالى: (قام عبدالله يدعوه)، فقد ظهر أن الاتخاذ للعبودية هو الولاية والله أعلم.