الفرق بين الحكم والأمثال
قبلَ الحديث عن أشهر الحكم والأمثال في العصر الجاهلي، لا بُدّ من تعريف كلٍّ من الحكمة والمثل والتفريق بينهما،
فالحكم والأمثال فنّان نثريّان وصلا للناس كما نطق بهما أصحابُهما، من غير تغيير أو تحريف، ولا زيادة أو نقصان،
لما تمتاز به من تركيز بالغ، وإيجاز شديد، بالإضافة إلى قبولها للحفظ، واشتهارها على الألسن في كلّ مناسبة،
وبذلك تكون أصح ما بقي ووصل من النصوص الجاهلية، وأقربها إلى أصولها الأولى،
وإن كانت لا تقدم صورة كاملة عن النثر في العصر الجاهلي، والحكم والأمثال كذلك مرآة تعكس الواقع الاجتماعي والسياسي،
وهي جمل قصيرة بليغة، تخلو من الحشو، وقد أوحت بها تجارب الحكماء والمعمّرين في الحياة بالإضافة إلى العلاقات بين الناس،
وهي كذلك ثمار ناضجة من ثمار العيش الطويل الذي يصدر عنه الرأي المحكم،[٢]
والفرق بينهما يعود إلى أنّ الحكمة قول موجز يتضمّن حُكمًا صحيحًا للأشياء، كونه نابع من واقع الشخص ومعاناة تجاربه في الحياة،
أمّا المثل فيقترن في أصله بقصّة أدت إليه، ثم دخلت في نطاق الأمثال، بالإضافة إلى أنّ الحكمة تختلف عن المثل في أنّها تصدر في أغلب الأحيان
عن فئة معيّنة من الناس لها تجاربها وخبرتها وثقافتها في الحياة بعكس المثل الذي يصدر عن عامّة الناس، وقد دوّن العرب أشهر الحكم والأمثال
في العصر الجاهلي ممّا ساعد على حفظها وتناقلها على الألسنة، مع أنّ أكثر هذه الحكم والأمثال لا يُعرف أصحابها.[٣]